في المشهد الاقتصادي الأمريكي الحالي، يتركز الاهتمام حتمًا على التضخم والسياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي (الفيدرالي). وقد ألقى التقرير الأخير الصادر عن وزارة التجارة الأمريكية بشأن مؤشر أسعار الاستهلاك الشخصي (PCE) في فبراير/شباط الضوء على قرارات الاحتياطي الفيدرالي المقبلة بشأن أسعار الفائدة.
على مدار الاثني عشر شهرًا حتى فبراير/شباط، ارتفع التضخم الرئيسي، مقيسًا بمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، بنسبة 2.5%، وهو رقم يتماشى تمامًا مع توقعات المحللين الاقتصاديين. وتنطبق ملاحظة مماثلة على المؤشر الأساسي لنفقات الاستهلاك الشخصي للنفقات الاستهلاكية، الذي يستثني البنود المتقلبة مثل الغذاء والطاقة، حيث ارتفع بنسبة 2.8%.
على الرغم من هذه الزيادات المتوقعة، يُظهر التقرير تباطؤًا طفيفًا في التضخم من يناير إلى فبراير، مع ارتفاع بنسبة 0.3% مقارنة بالتوقعات البالغة 0.4%. يشير هذا المؤشر الأكثر اعتدالاً إلى أن الضغوط التضخمية تستقر إلى حد ما.
تأتي هذه البيانات على خلفية تشير فيها مؤشرات أخرى إلى أن الضغوط التضخمية قد تكون أكثر ثباتًا مما كان متوقعًا، على الرغم من النمو القوي في التوظيف. ويضع هذا التعقيد في المؤشرات الاقتصادية بنك الاحتياطي الفيدرالي أمام تحدٍ كبير في سعيه لتحقيق هدفه المتمثل في الوصول إلى معدل التضخم البالغ 2%.
علاوة على ذلك، أبقى بنك الاحتياطي الفيدرالي على توقعاته بإجراء ثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة هذا العام، على الرغم من أن توقيت وحجم هذه التعديلات لا يزالان عرضة للتكهنات. وأكد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول على قرب اتباع سياسة تيسير الفائدة، وإن كان ذلك مشروطًا بوجود المزيد من الأدلة على تباطؤ التضخم.
وقد ساهم التفاؤل الحذر في الأسواق، التي ترى في استراتيجية الاحتياطي الفدرالي مسارًا نحو اعتدال التضخم دون التسبب في حدوث ركود، في تحقيق مستويات قياسية مرتفعة في مؤشر S&P 500. علاوة على ذلك، تتوقع الأسواق باحتمال 64% أن يقوم الاحتياطي الفدرالي بخفض أسعار الفائدة بحلول شهر يونيو، مما يؤكد الثقة في قدرة المؤسسة على الإبحار في هذه المياه المضطربة.
ستكون الأشهر القليلة المقبلة حاسمة بالنسبة للسياسة النقدية الأمريكية. ويقف الاحتياطي الفدرالي في مفترق طرق، حيث يسعى إلى تحقيق التوازن الصحيح بين السيطرة على التضخم ودعم النمو الاقتصادي المستدام. ويبقى صانعو السياسات والمستثمرون ومراقبو السوق في حالة تأهب، مدركين أن خيارات اليوم ستشكل المشهد الاقتصادي في الغد.